أيها الموت ما أقساك، فأنت لا تعرف أبداً الرحمة وليس لديك قلب، لماذا خطفت حبيبتي في عز شبابها وصحتها وجمالها، لقد تمنيتك بعدما رحلت محبوبتي عن هذه الحياة، حينما أحببتها شعرت بأن النصيب سيحول بيني وبينها أو أنك ستخطفها مني، كم من مرة خشيتك، بعد إن سرى في كياني هواها، واليوم قد صدق إحساسي وها أنت اليوم تغدر بي، وها أنت تطعن قلبي بخنجر مسموم.
يا ليتك قد أخذت حياتي معها وكنت أنا وهي في قبر واحد، لقد أخذت مني الحب والجمال والأمل بل الحياة وتركت لي حياة أشبه بالموت وما هي بالموت.
أيها الموت قد أخذت مني فرحة العمر، ولو كان لك قلب لشعرت بلوعة قلب المحب عند الرحيل، لو كان لك قلب لشعرت بروح المحب حينما تترك جسده وراء حبيبه، لو كان لك قلب لم تأخذها مني.
ما أقساك أيها الموت ،لقد أطفأت نورعينيها اللتين كانتا تنير ظلمات حياتي وليلي لقد خنقت نبرات هذا الصوت الملائكي الجميل بكل قسوة ،الذي كان يغرد في أذني كالكروان ويؤنس وحشة نفسي بوحدتي ويجلي همومي.
ها أنت تضمها بيديك القاسيتين الباردتين، لتكون تحت الثرى إلى العالم السرمدي بلا رجعة لهذه الحياة،قبل أن أضم صدرها بذراعاي، قبل أن تمسك يدي بيديها الناعمتين إلى عالمي، قبل أن يهنأ بها قلبي الذى يشتاق إليها ، أيها الموت حرمتها من عالم الحب والحنان والنور، وأخذتها إلى عالم لا تشعر فيه هي إلا بالظلام والوحدة و الخوف.
أيها الموت خذني إليها ،فكيف سأعيش في هذا العالم بجسد بلا روح ،لأنها روحي إنني كطائر بلا أجنحة، و وردة ذابلة بلا شذى.
آه يا حبيبتي ،الحياة قد منعتنا بأن نلتقي ، وحتى الموت قال لي لا ليس الآن،ويأبى علينا اللقاء ، حكم علينا ألا نتلاقى وأنا أقول هذا الكلام وأنا الآن أنظر إليك وأنتِ في هذا القبر الموحش.
حبيبتي سأعيش من بعدك في هذه الحياة بصمت وبقلب يتألم وسأراك في الأحلام وأرى طيفك في الأماكن التي التقينا فيها أو حينما تمر علي ذكراك، سيكون هذا العالم بالنسبة لي كئيبا كطير هائم يبحث عن وليفه وعن عش ووطن ،فقلبي من بعدك تائه يبحث عن الحنان في هذه الحياة القاسية ،حبيبتي أعدك أنا لن أتخلى عنك أبداً، وسأكون معك دوماً بالدعاء والصدقة ،وسأعمل لك سبيلاً وسأدعو الله لك بالرحمة وسأدعو دوماً بأن نكون معاً في الجنة لتكوني حوريتي، سأظل كذلك حتى يرضى الله عنا ويجمعنا سوياً في حياة النعيم الخالد.
حبيبتي أنا لن أقول لك أبداً وداعاً ، و الحي أولى من الميت فأنتِ بالنسبة لي لم تموتي في قلبي،ولكن إلى اللقاء في العالم الآخر.
سلمان محمد البحيري