القراءة أعتبرها غريزة فطرية في الإنسان لأنها غذاء للعقل والروح فالقراءة تجعلك تحلّق ، في الماضي والحاضر والمستقبل، وتجعلك تستمتع باللغة و الجمال و دقّة التعبير و تكون في رحلة من المعلومات عن العقول والأزمنة والأماكن كأنك تعيشها بجسدك و روحك، وأنت لم تراوح مكانك، فالقراءة و بكل إختصار هي المتنفس الوحيد والأنيس لنا في وحدتنا حيث نستنتج منها المعلومات وكل الأمور الحياتية وتجعلنا نطلق خيالنا بكل روعة وحرية فالقراءة عنصر أساسي في حياة الإنسان المثقف الواعي الحي، والقراء يعتبرون أحياء يتنفسون العلم و الثقافة ويالها من حياة رائعة لذلك أنا أفضل المكان الهادئ للقراءة وأختار أفضل وقت للقراءة وغالبا مايكون صباحاً أو في المساء، لأن المكان الذي يختاره القارئ مهم جداً في تنمية عشقه للقراءة و للكتاب الذي في يده بشكل عام و لهذا فـإختيار المكان مهم جداً، فالمكان المناسب للقراءة يجب أن يكون مكان هادئاً لايتخلله أي صوت حتى لو كان صوت جوال أو ساعة حيث لا أريد أن أسمع أي صوت يقطع علي حبل خواطري عندما أقرأ أو أكتب ،و لهذا وفي الجلسات القرائية التي أكون فيها أطفئ التلفاز والجوال وأوقف ساعة الحائط لأن تلك الأصوات تجعلني متوتراً كثيراً، كما أكره القراءة في الفراش لأنها دائماً تشعرني بالنعاس و في أغلب الأحيان أترك الكتاب و أنام ، لذلك يجب أن يكون هادئاً و متوازناً ،لذلك أعشق القراءة في مكتبي الشخصي الذي في مكتبتي لأن المكان هادئ جداً و مريح لدرجة معينة جداً، ومناسباً لجلسات القراءة الطويلة،و بعد توفر المكان أختار الوقت ويكون فنجان القهوة مصاحباً لطقوس القراءة والكتابة، و هنا يجب أن أصرح بأنني و في غالب الأحيان أربط وقت قراءتي بـوقت شربي لقهوتي المفضلة “القهوة التركية الحلوة أو قهوة اللاتيه” لأنني أعشق الإثنين, فحين وقت القراءة والكتابة لا أستطيع العيش من دون قهوتي لأني أشعر بأنها تساعدني وتلهمني لذلك وسواء كانت قرائتي في الصباح أو المساء يجب أن تكون قهوتي حاضرة، لأن القراءة تحتاج لهدوء وتأمل وتتطلب درجة تركيز عالية و درجة (مزاج) أيضاً عالية، وأحيانا أقرأ في كوفي أو في مكتبة الملك فهد او مكتبة الملك عبدالعزيز أو في حديقة هادئة أو حينما أكون لدي وقت في السفر ويكون سكني في جناح مطل على البحر،
ولهذا فـاختيار المكان المناسب والوقت المناسب يزيدان من روعة جلسة القراءة التي سـأقوم بها، وأنا أنوع في قراءة الكتب حيث أقرأ في التاريخ والدين والثقافة والأدب وأحب أغير بقراءة الروايات الجيدة المحبوكة والتي تجعلك تعايش تجارب إنسانية لحياة ووجهة نظر رجل أو امرأة أو طفل أو شيخ , سواء كان عاملاً أو جندياً أو موظفا أو تاجرا أو طبيبا فكم منا لم يجرب أن يعيش حياة الفقر ومصاعبها ولكن قراءة رواية تصور لك حياة فقير تجعلك أكثر تعاطفا وأكثر فهما لمن هم يمرون بتلك الظروف ويعيشون تلك الحياة, أو تجعلك تتعرف على كيفية نمط معيشة الطبقة المخملية وكيفية تعاطيهم مع الآخرين والحياة ،فعندما كنت صغيراً وكنت أقرأ روايات مثل أحدب نوتردام وذهب مع الريح والبؤساء ووداعاً للسلاح والحديقة السرية وشيفرة ديفنشي وتاجر البندقية وكنت أقرأ القصص عن سندريلا وليلى والذئب الأحمر وقصص من الرسومات الورقية مثل سوبرمان والرجل الوطواط والرجل العنكبوت، و حينما كبرت قليلا كنت أقرأ في الكتب التاريخية وخاصة عن تاريخ الدولة السعودية وأتذكر ملحمة توحيد الجزيرة العربية فتجعلني أتذكر هذه المراحل وأقرأ عن بعض الحضارات القديمة مثل الحضارة اليونانية والمصرية والآشورية والحضارة الإسلامية وعموماً القصص الخيالية أو الحقيقة هي متعة لو لم يكن للقصص منفعة للإنسان لما ذكرت في القران الكريم،ولو لم تكن مؤثرةً لما كانت في كتب التاريخ و الروايات، فالروايات حياة أخرى ، رؤية مختلفة ، وجهة نظر مغايرة ، زاويا أخرى لرؤية الأشياء ، وفي نظري الروايات والقصص عبارة عن تجارب مر بها الكاتب فهي تعبر عن أفكاره و إنتمائه كإنسان لهذه الحياة،فهنالك الكثير من الروايات التي تفتح عقل القارئ على عوالم جديدة و عميقة لم يألفها من قبل، و تزيد له خبرة بما فيها من مواقف و تجارب، و لكن هنالك سلبيات كثيرة تتضمنها بعض الروايات مثل المشاهد الحميمية أو المشاهد العنيفة جداً والتي تخدش القارئ بصورة او أخرى ، فالقراءة تحليق مع الذات وتثقيف ولكي تقرأ يجب أن تكتب ولكي تكتب يجب أن تقرأ لذلك قراءة الكتب تثري عالمنا التفكيري ،وتطرح أمامنا أفكاراً ورؤى جديدة ،وتعمق لدينا الوعي تجاه أنفسنا وماحولنا وفي هذا العالم الذي نعيش فيه،،فالكتب والروايات توقظ فينا عالم الحقيقة والخيال،حيث إن الكلمات هي عبارات مبسطة ،فتفتح أمام القارئ المجال بأن يتخيل ماذا يكمن وراء الكلمة، والكتب تمنح القارئ معلومات عما يجري في أماكن أخرى وأزمنة مختلفة ،وتجعلنا نتعرف على أنماط حياتية أخرى ،وبواسطة الكتب نستطيع أن نلتقي بشخصيات من الماضي “من التاريخ” وأن نتخيل شخصيات ستعيش في المستقبل “علم الخيال”الكتب توقظ لدينا المشاعر والتعاطف مع الآخر، حيث ننجح أن ندخل في مسامات الآخر ونفهمه، ونفهم وجودنا في العالم أكثر، والروايات فن رفيع وليس مضيعة للوقت، وكما أنك تجد المعلومات العلمية في الكتب العلمية ، فهي تكون أيضاً في الروايات بعض المعلومات الحقيقية والفلسفية ومعلومات من الخيال العلمي و قد تكون مفيدة أكثر من التي في الكتب العلمية ، فالكتب الروائية تحاكي مشاعر الانسان وتركيبته، ثم إنه هنالك مجال لفهم وحفظ ما ترسخ في العقل أكثر في الروايات لأنه قد تمر معلومة فتربط بالحدث فتبقى في الذاكرة ، اما في بعض الأحيان (وليس غالبا) قد تجتهد و تقرأ كتاباً علمياً إلا أن المعلومات لا تبقى أو تنساها مع مرور الوقت ،لا أنكر بأنها عملية ترفيهية إلا انه هناك هدف من ورائها فسيكون بأنك ستجني في النهاية كماً هائلاً من الكلمات ربما تكون أكثر من خمسين مفردة جديدة عند قراءتك لكل رواية ،و الرواية تعتبر وسيلة لفهم الآخر ولمعرفة أفكار ومجتمعات وطبقات وأناس قد لم تلتقِ بهم أبداً في حياتك! لذلك فالروايات هي أفضل وسيلة ساعدتني على تقبل الآخر ومحاولة تبرير مواقفه مهما إختلف معي في الفكر والدين وحتى الأخلاقيات والمبادئ،فالكتب الثقافية والعلمية لوحدها غالباً لن تضيف شيئاً لتجربتك الإنسانية وكذلك الروايات فقط لاتضيف لثقافتك الكثير ولكن كلها جميعاً مكملة لبعضها وستساهم في بناء إنسانيتك وفكرك وفهمك للحياة وللأمور بشكل أو بآخر، فالقراءة مفيدة جداً صحياً فهي تنشط الدماغ وتقلل الإصابة بالزهايمر، لأن الدماغ كأي عضو من الأعضاء الآخرى في الجسم ،يحتاج للرياضة فكما أن التمارين تقوى عضلات القلب والجسم فكذلك القراءة تقوي المخ والمدارك.
سلمان محمد البحيري