زهور الربيع

في فصل الربيع تكون أشعة الشمس ساطعة وجميلة ودافئة، ودرجة الحرارة تكون في  العِشرينيّات، والسماء في الغالب تكون صافيةً، ويصبح الجو دافئاً وكأن الشتاء لم يكن، وكأن زمهريرالشهرين الماضيين لم يتواجدا أبداً، فقد حلّ جمادى الآخر برائِحة الربيع المُبكر، والشجر في الحدائق والمزارع قد بدأت تُزهر، بزهيرات صغيرات قد أخذت تتفتح لتُتحوّل إلى ثمرات في الصيف القادم،بالنسبة لي فقد كان الشهران الماضيان حافلين بالكثير من الإنجازات و ورش العمل، وقراءة الكُتب وبعض الدورات التي أحضرها ،حيث أستيقظ منذ الفجر لأركض طوال النهار وسط صخب الحياة وأصادف الكثير من الناس و القصص وأعود للمنزل ليلاً في الغالب أو قبل المغرب جائعاً للنوم والراحة والدفء،إنقضى الشهران سريعاً برغم برودتهما كغيمة جميلة ومُميّزة، أيامُهما ولياليهما كانت جميلة بالمطر والغيوم و مليئة بالتجارب والمغامرات الصغيرة، والحوارات مع أشخاص كأن أرواحُهم قد خلقت من طين الجنّة، وكان أكلي في الغالب بخارج المنزل وكنت أحرص على الممشى في هذه الفترة لكي لا أفقد لياقتي عند الإرهاق اثناء إنشعالي بالعمل والدورات التي قد تعلمت منها أشياء كثيرة كأنني لم أتعلم شيئاً طوال حياتي، وصرت أنظر لإنجازاتي الصغيرة باستحياء، ولكني أشعر بأنها بداية رائعة لسنة ثرية ومثمرة ، حيث أتوقع بأن تكون من أقوى السنوات التي قد مرت علي في حياتي، هذا على صعيد العمل وتطوير القدرات أما على صعيد المشاعر فقد تعلمت عنها الكثير في السنتين الماضيتين، فمنذ بدأت هذة السنة كان هدفي الرئيسي هو إعادة التوازن لروحي وراحة البال لقلبي،وهو أن أوازِن بين مشاعري وعقلي وأرى مالذي يمكن للحياة أن تبدو عليه ،عندما أعطي المجال للقلب في حدود بدون أن أقمعه، و تكون أفعالي و حروفي وكلماتي هو ما أشعر به بصدق دون تصنّع، فما أشعر ناحيته بالحب إذاً هو يستحق الحب، وما أشعر ناحيته بالتنافر أو بأني ثقيل على هذا الشخص، إذاً لامزيد من دفع نفسي إليه، فقط أتقبله وأتركه وأرحل مهما حاول التقرب مني لأنه يجعلني أعيش معه في طاقاته السلبية ، لذلك كان لابد بأن نعطي الفرصة للقلب لأنه سر الله الأعظم، ولا يُخطئ في الغالب،لذلك قال الرسول عليه السلام ” إستفتِ قلبك ”لذلك ياصديقي صدّق قلبك، وثِق في إحساسك الداخلي، وأطلِق العِنان لقلبك، وأضفِ على كل عمل تقوم بِهِ القليل من الروح والعاطفة وستتحول حياتك لبريقٍ هائل من السعادات الصغيرة، لذلك إحترم شعورك وتعاطف معه وحاوره كأنك تُكلم صديقك العزيز، وتقول له “أنا أعلم أنك شعورجميل، لكني أحتاج منك الآن بأن نتعاون لنجعل هذا الأمر ممكناً و يكون بنهاية سعيدة” القلب ياصديقي لا يريد منك سوى تفهم مشاعره واحترامها، لأنك بعد فترة ستحتاج لحسم موضوعات خارجية أكبر و اتخاذ قرارات جريئة والتي لابد بأن يتضامن فيها القلب مع العقل،كإنهاءِ علاقة ثقيلة ومؤلمة من طرف واحد ، أو أن تغير عملك أو الدخول في مشروع خاص بك، فالقلب دائماً يدُلك على مايُريحك، ولكن الحكمة تكمن في أن تتعرف على حقيقة المشاعر، هل هي صادقة ونابعة من الفطرة؟! أم أنها نابعة من مشاعر مُضلِلة وصدقنا بأنها حقيقية؟! لذلك لابد من أن يكون القلب والعقل لا يتصارعان بداخلنا حتى نعبر بحياتنا لشط الأمان ونعيش في سعادة، وإلا إذا كان قرار القلب خاطئاً وجب أن يكون الدور للعقل وعلى القلب أن يرضخ حتى لاتكون حياتنا دوماً في خريف.


سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …

اترك تعليقاً