توقفت عند عبارة الأديب التشيكي إيفان كليما التي تقول “ماذا يحدث لمن يقضون حياتهم خائفين من التعبير عن أرائهم؟! الأرجح انهم يتوقفون عن التفكير ، أو يعتادون على الكلام الفارغ” وأدركت لماذا غالبية الناس في مجتمعي يكرهون الثقافة والمعرفة والحوار الراقي،وأدركت أيضاً لماذا يفضلون الكلام الفارغ في الإستراحات والمقاهي لتدخين الشيشه ومشاهدة مباريات كرة القدم ويعتقد البعض بأن مرتاح البال صاحب العقل الفاضي الذي لايفكر ولا يتدبر و لايشغل عقله بل إنه مع فكر الأغلبية ولا رأي له ، أما الشخص الذي يفكر وله رأي فهذا مصدر خوف عند الأغلبية ،ويعتبرونه مثير للشفقة وأن مصيره السجن لذلك يتحاشونه، فصارت غالبية الناس تخاف من أصحاب الفكر أكثر من خوفهم من العسكر ، وهذا في نظري جاء من التعليم الذي كان ولازال يعتمد على التلقين والحفظ بدون فهم لأنه نظام يلغي العقل وحرية التعبير ويجعلك تحفظ بدون أن تفهم بدون أن تسأل أو تضيف على هذا الموضوع من عندك وبدون أحترام لرأيك، ويكون ذلك في التعليم منذ الصغر وحتى في المرحلة الجامعية لأن الدكتور يرفض ذلك ،وأنه لابد بأن تحفظ وتلتزم بالماده ولا تناقش ولاتبدي برأي مختلف، لذلك صارت هناك أجيال لا تحب الثقافة والمعرفة إلا القلة ، لذلك تعلمنا منذ الصغر بأن نلغي عقولنا وبأن لايكون لنا رأي وأصبحنا تافهين حتى في المنزل عندما نجبر على الصمت والهدوء وسماع الكلام بدون مناقشه لكي نكون في نظر الكبار مؤدبين، وبعدما كبرنا قليلا تعلمنا مصادرة الرأي من بعض رجال الدين حيث منعوا الإجتهاد وجعلوا الدين في تقصير الثوب وتربية اللحية والعادة الشهرية والرضاعة والزواج والطلاق وأن إنتقاد رجل الدين إذا أخطئ حرام لأنه مقدس وليس بأن الدين بالعلم والإيمان وبالمعامله ،وصرنا تافهين حينما رأينا بعض القنوات الفضائية تركت العلماء والمفكرين والأدباء والمخترعين والموهوبين وسلطت الضوء على الفنانين ولاعبي كرة القدم والتافهين في المجتمع، وفي الجلسات الاجتماعية ستلاحظ أن التافهين كلامهم محصور في الرياضة عن الهلال والنصر ولاتحاد والأهلي و كل طرف يرى أن فوزه مستحق وان ألاخرين فوزهم بدون جدارة ويتنازعون على ذلك و كذلك الكلام المكرر عن الطقس وفي أطيب أنواع الرز واللحوم والدجاج ومنهم من ينشغل بالنميمة والسخرية من الآخرين وبالغيبة والحكم على الآخرين من مظاهرهم ، وكذلك تجمعات النساء لاتقل عن الرجال فمواضيعهن سطحيه عن الزواج والطلاق وعن عمليات التجميل والاستهزاء بلبس بعضهن البعض وهم الغالبية منهن في القشور لذلك هذه تجمعاتهم ولو خالف أحد رأيهم وقال الحقيقة لقاطعوه، وهذا يعني الكراهية لك وأنك إذا لم تكن معي في رأيي فأنت ضدي، لذلك البعض يفضل التفاهة ويكون إمعة ولا يشغل فكره حتى لايتم إقصاءه، وهذا في رأيي يجلب الموت للعقل والروح ،ومثل هؤلاء يجهلون قيمة الحرية المعتدله في الحياة ،وهي عند هؤلاء مع الأسف تعني الإباحية والفوضى، فالحرية هي التي تميز الإنسان عن الحيوان لأن الله قد خلقنا أحراراً وجعلنا خلفاءه في أرضه ،لذلك لابد بأن يتمتع بها كل إنسان ولا يتعود بأن يعيش مع قطيع كالحيوانات، لأن من يكره الحرية فهو من تعود على التفاهة والقمع ،وهؤلاء يرون بأن من يطالب بها هو فاسد أو ليبرالي يقول الله سبحانه” ولكم دينكم ولي دين ” وقال تعالى ” فذكر إنما أنت مذكر ، لست عليهم بمسيطر ، إلا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر” وقوله تعالى” لست عليهم بوكيل ” وقول عمر إبن الخطاب رضي الله عنه ” متى إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً”.
سلمان محمد البحيري
Check Also
حكاية باب!
لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة لتحديد ملامحي النهائية. كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …