ذكريات تدثرت بالغبار

حينما رأيت الجو قد تغطى بذرات الغبار،اجتاحتني ذكريات قديمة كان عفى عليها الزمن حيث قد تدثرت تحت غبار الأمس واليوم، ولقد تغطى النور وأصبح ظلام الغبار هو الغالب ، لتبدأ لدي خواطر جديدة إن عاصفة الغبار هذه قد إرجعتني إلى الوراء ، إلى عالم الطفولة، حينما كانت السعادة تتربع عرش قلبي، وحياتي كانت صافية وبسيطة بدون مُعكر ، وذلك حينما تذكرت واقعي بعدما كبرت وأصبحت أحمل حملاً ثقيلاً من المسؤوليات، فتوقفتُ عند تلك اللحظة لأراني تـائهاً مابين عالم الطفولة وعالم الكبار، بين صورةٍ وأخرى، وكنت أشعر بالحنين إلى طفولتي ،وكأن مغناطيسًا جذبني إليها لأشعر بي منغمساً فيها، وكأن جميع حواس الكبر والنضج قد شلّت حيث كان أكبر همي هو ألعابي و حلوياتي، وكان أكبر همي أن يفضل أمي وأبي أحد أخوتي علي حيث كنت طفلاً أتمتع بالبراءة وأحب الضحك ، وأنام في أي مكان بدون أدنى تعب ولاهم ،ولدي قناعة بأني سأجد نفسي في فراشي صباحاً، وأحلامي كانت جميلة لأنها وردية فلماذا أفكر و أنا همي اللعب والضحك وألعب حتى يضنيني اللعب،في طفولتي مشاعر بريئة ونظرات نقية للبنات اللواتي كُن في عمري،حنيني لعالم الطفولة لأنه عالم الشفافية والصفاء والبراءة فلا شيء يشبـهه،عالم لايوجد فيه الكـذب والخـداع ، عالم جميل له لذة خاصة حيث لايوجد به خبث ولا شر يخربها، فنفسي قد اشتاقت الرجوع إلى الوراء لأستنشق عبير تلك المشاعر وأرى نفسي من جديد بينها،فأنا لازلت عاشقاً تلك الذكريات في ذلك العالم و التي لازالت معششة في عقلي فـأراني دومًا أفـتش في ذاكرتي لأجبرها على المضي والسير عكس الحياة والرجوع إلى عالم لايعترف بالكراهية والحقد والكبر والغرور ،فهذه المشاعر السلبية لو سحقناها في عالم الكبار، لكنا جميعًـا نرقـدُ بأمـان ولعشنا بصفاء و بسلام ، حنيني للطفولة هو حنين لأيـام رحلت بكل ماتحمله من حب و براءةٍ وطهر وطيبة،فحينما أتذكر ذلك العالم الجميل تكون هناك ابتسامة تفرض نفسها على ثغري، ففي طفولتي كان جـّل أحلامـي بأن تسير الأيام سريعًـا لأصبح كبيراً،لأعتقادي بأن عالمي حينما أكون كبيراً سيكون جميلاً بدون نفاق ولاخبث ولا كراهية، فكنت في السابق أريد بأن أكبر وأتخلص من أن ينعتني أحد بالصغر، لكنني في هذا الوقت حقًـا أريد العودة لعالم الطفولة، لذلك الحب والأمان والبراءة والشفافية والطهر.


همسة:
تقادم سنوات العمر إبتلاء من المولى سبحانه،وصبرنا عليها قد يكافئنا بلحظة إيمان وتجلٍ تعدل سنوات طفولة الأولين والآخرين.

سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …

اترك تعليقاً