كانت صديقتها كاتمة أسرارها تمشي معها وقالت لها؛أنتِ قد أصبحت سماؤك غائمة منذ رحل عنك غاضباً منك ومن شكك في حبه لك ،وعدم ثقتك به لأنك قد طاوعتِ الوشاة فيه ، ولم يمنعك كبرياؤك المارق من التّمسح بذات الطريق الذي يمر فيه، وأنتِ ترينه يمر من نفس الطريق والجدار ، تمرين بقربه وتسحبين الخطى متثاقلة وكأنك مجهدة، حينما تختلسين النظرات له وهو لا يلتفت لك ولا لغيرك، أنتِ تسترقين النظر إليه لكي تشبعي شهوة الذكرى في أعماقك، وهو يأبى لأنك قد جرحتيه بدون ذنب فقالت وهي تكابر لصديقتها : أنا لم أخطئ في حقه وأنا لا أحبه ولكني أرتاح فقط له فقالت لها صديقتها : أنتِ تكذبين، لماذا هذا الجحود وإلى متى تكابرين أنتِ تريدين منه نظرة رضا وابتسامة حتى يروي ذلك صحراء إحساسك العاطش بعد رحيله عنك ،وشوقك لكلماته واهتمامه بك وتتمنين الرضا منه ، وتقولين له أطلب منك السماح فأنا أحبك وغيرتي عليك هي ماجعلتني أقول لك ماقلته، فأنتِ لم تُنسِكِ الأيّـّامُ دفء كلماته وحروفه واهتمامه بك والسؤال عنك دوما رغم تنقلِك في محطات الحياة البائسة، نعم هو الطريق من عند الجدار ، ثابت مكانه، كان في السابق عند كل لقاء بك هو كان يختلس النظرات إلى عينيك،ويبتسم حين تقابلينه و ينظر إلى شفتيك وينتظر منك أن تهبيه وداً صادقاً من قلبك الذي بين جوانحك ، وما تطيب به عيناك من نظرات له وبسمات جميلة لكيانه المتألم الصبور، فقد كان يتغزل فيك بقول يذيب فؤادك، وبكلماته تلك كأنه يمنحك البراق ذا الجناحين لتحلقي به إلى السّماءِ، لكي تلامسي هناك القمر والنجوم، وحين تستيقظي في الصباح الباكر ما كُنتِ تـفتحينَ عيونك إلا على كلماته وحروفه حيث يأخذك هذا الشعور إلى عالم بعيد، فكنتِ تستمدّين منه شحنات الإيجابية والحب والأمل من همساته المُفعَمة بالتفاؤل، لكي تشعري في خلوتكِ براحة البال في المساء وتصفو لك الحياة وتُتـفتح لك عوالمَ الأحلام الوردية، أما أنتِ اليوم فمثل البيتٌ الكئيب المهجور الآيل للسقوط،ما عاد فيه للإحساس أثر،فذبل الزّهر من “ربوتك” والفراغ صار عنوانك ،وأصبح قلبك من الحديد الصلب و غادر من قلبك النبض لإنه قد أصبح قاسياً، فالمحب لايقسو على حبيبه ولو أخطأ حبيبه عليه لغفر له خطأه، وأنتِ أتهمتيه بخطأ بسبب ظنونك وكلام قد وصل لك بدون دليل وهو لم يرد عليك بأسلوبك لأنه يحبك ، فما الفائدة إذا كنتِ جميلة وتتعطرين بأغلى العطور، ولكن قلبك قاسٍ على من أرادك شريكة لحياته ،أم تريدين أن تبيعي جمالك في طريق حالك وتلاحقك النّـظراتُ والإشاراتُ وإعجاب أشباه الرجال ،ويستهويهم عهرك المعطّر و يبتلعكِ طريقُ الندامة مانحاً إيّاك لعنة العُهر عند انقضاء كل ليلة حمراء تافهة، فلا تجعلي جمالك يغريك وينسيك الله ، فالله سبحانه هو من قد منحك هذا الجمال وقادر على أن يسلبه منك ويسلب نعمه منك ، وأنا صحيح صديقتك ، ولكني لاأجاملك وأقسو عليك أحياناً خوفاً عليك.
سلمان محمد البحيري