المدينة الفاضلة

حينما مررت بالمقبرة لأجل المشاركة في جنازة ودفن أحد الأقارب رحمه الله وأنا داخل بسيارتي للمقبرة رأيت حارسُ المقبرةِ وهو جالس بكبرياء على كرسيه واضعاً رجلاً على الأخرى و معه عصا كأنها صولاجان ملك ،وحوله بعض العمالة يأمرهم وينهاهم وكأنه يَحكمُ مدينة ، وتذكرت مدينة أفلاطون الفاضلة، ولكن هذه مدينة للأموات حيث تتميز بالهدوء والصمت وعدم الشغب، لذلك أتخيل هذا الحاكم وهو يصرح لوسائل الإعلام ممتدحاً مدينته الفاضلة لأنها هادئة ولا يوجد لديه شغب أو مظاهرات بسبب البطالة لأنه على حد زعمه عادل ورحيم مع من يسكن في مدينته الفاضلة ، ويؤمن لهم السكن وكل من أراد السكن لديه فعليه إحضار لبسه ” الكفن” فقط ، لذلك لاتوجد في مدينته معاناة أو إضرابات وليس لديه صراع قوى لذلك لايخشى من الانقلابات ، أو أن لديه نوايا عدوانية نحو جيرانه كما أنه ليس لديه مشاكل في حرية التعبير، فالجميع لديه سواسية في حرية الصمت لذلك هو سيد هذه المدينة بلا منازع، متربعاً على كرسيه ولايحتاج للقيام بانتخابات لكي يزورها وينجح بنسبة 99,9 ولا يخشى غزواً أو إنقلاباً عسكرياً أو حرباً إقتصادية أو يضطر للقيام بإصلاحات اقتصادية وسياسية ،ولكن كل مايخشاه هو نزوح الأحياء إلى مدينته ليشاركوا مواطنيه  بسبب أزمة السكن ،وغير ذلك هو سعيدٌ بمدينته العادِلة، فلا يحتاجُ لوضع  قوانين لحُكمِه، ورعاياه يُطيعونهُ ولا يغادرون أماكنهُم، ولايطالبون بمزيد من الخدمات أو التوسع بمنازلهم وليس منهم من يحتج على سُوء دفنه،لذلك فمن مات في مدينته،فهو في رعايته ويهتم به،وهو يقوم بإكرام مواطنيه الجدد حيث يؤمن لهم السكن بحيث يكون لكل فرد منهم سكن متر في مترين مع لحد بالإضافة تراب وبحص ولبنتين لكل منزل،وإذا اجتاح سيل لبعض منازل مدينته،فإنه يجري بعض الإصلاحات بوضع بعضٍ من التراب والبحص عليها وحولها لترميمها حتى لا تتضرر منازل رعاياه الأوفِيّاء.

همسة

ربنا الكريم الرحمن قد تفضل علينا وأنعم على عباده الذين على ظهر الأرض فكيف بنا ونحن تحت الأرض، هناك أثر لموسى عليه السلام يذكر فضل الله على الناس في قبورهم بأنه لا يعدمهم فضله وقد عدمت منهم الحيلة.

سلمان محمد البحيري 

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …

اترك تعليقاً