يسألني البعض ويقول لماذا غالبية ماتكتب خواطر،فأقول لهم أنا أكتب لأن هناك أحاسيس بداخلي وأخاف عليها بأن أفقدها وأنساها و تطير في الهواء, و لكن بالحروف أغرسها لكي تنمو و تصبح يانعة وجميلة في حدائق الورق، فأنا أكتب لأشعر بأني على قيد الحياة،لأن بداخلي مشاعر مختلفة من,الحب الإيمان السعادة،والغضب والتفاؤل, والأمل,والنجاح،الفشل والحزن ، والخذلان ، الوفاء ، أو لربما أن للأمر له علاقة بالقمع، القمع الفكري، أو القمع المجتمعي ،أو القمع الشخصي، أو الأدبي، لذلك أجد في الورقة مساحة من الحرية نادرة لاتتوفر فيما سواها، فالكتابة هي إستجابة لمثيرات معينة، ولا يمكن فصلها عنها،فليس ثمة كاتب يكتب من الفراغ أو للفراغ، فأكتب لأنقل ذلك للآخرين بما أحسه و بما أراه ،لأن الناس يصادفهم مثل ذلك ، لذلك أنا أكتب شيء يلامسهم من الداخل فأنا أكتب مايخالج القلب والروح فيسطر قلمي كلمات مذهبة لأنها صادقة و ثمينة،لأني أكتب كي أسقي روحي العطشى أو لكي أتنفس ،وأكتب لأني أهوى الكتابة من أجل التعبير عما يراودني من أفكار وأمور أميل إلى تدوينها من أجل تذكرها دائماً، لذلك حينما مثلاً أكتب خاطرة عن الحب،فلأن الحب غزيرة قد خلقها الله فينا،وعندما أكتب عن ذلك فإنني أسجل صداه في قلوبنا ،لذلك فالكتابة للكاتب تعتبر فردوس الذات يلوذ بها في عزلته مستعيناً بما تأصل في نفسه، أو في نفوس الآخرين بما سمعه عنهم ، أو بما حرك مشاعري في الأعماق ، أو ما أراه طارقاً يطرق باب فكري و قلبي، فأسجل الآه في خاطرة بعيدة عن رقابة الآخر، أو لكي تصل للشخص الآخر الذي أريد ،فهذا هدفي من الخواطر حين أكتبها ، ثم أنشرها في المدونة أو بأحد الصحف أو في الكتاب، فإذا دونت الخاطرة على الورق فإنها قد تجاوزت الفكرة أو الكلام لإنها ستخترق الحدود سريعاً، لأن عالمنا اليوم قد أصبح مثل البيت الصغير، لأنها قد تجاوزت التصور،وأنفكت من قيدها فأنا أكتب لأبوح بشيء مما تجيش به النفس ويحويه الصدر و ليعبر القلب عن مكنونه ويظهر شيئاً مما جلعه يفقد راحته وسروره فأنا أكتب لأن اللسان قد عجز عن البيان مايشعر به وأكتب لأعبر عن الأشخاص الذين تملكوا عواطفنا ، والذين لازالوا من بين حنايا قلوبنا ، لكي يعلموا ماالذي قد أحدثوه بنا و فينا،والكتابة هي نعمة قد حباها الله لفئة من الناس وأختصهم بها ،لذلك يغبطنا الكثيرون على ذلك ،لأننا استطعنا أن نعبر عما بداخلنا ولكن أحياناً لا نستطيع بأن نشد اللجام جيداً على أقلامنا ولا نملكها ،لأن بداخل الحنايا توجد همسات وأنات تحمل في طياتها مشاعر وأحاسيس مرهفة رائعة ، تعجر الألسنة عن التعبير عنها ،فتبوح بها أقلامنا فبذلك نطلق سراح هذه المشاعر لأنها بعضها كبركان غاضب أو طوفان أنين فلو تركناه بداخلنا لأوجعنا لذلك نلجئ للفضفضة حتى لايتعبنا أو يؤرقنا ذلك، لأجل هذا نكتب الخواطر ونستمتع بها لأنها نابعة من الأحاسيس المنبثقة من الروح النابعة من مكنون القلوب، لذلك يكون لها صداها القوي عند القارئ، لأنه يحس بصدقها وبحرارتها ويشعر بأحزانها وافراحها و بأشواقها وآهاتها، لإنه يعاني هو الآخر من ذلك ،ولكن الكتابة المجردة من المشاعر والأحاسيس فتأتي حروفها باهته وسامجة وجملها باردة، ولايشعر معها القارئ بأي تأثر ويمر عليها سريعاً ،لأنه لا ينتهي من آخرها حتى يكون قد نسي أولها لأنها بدون روح.
سلمان محمد البحيري
شاهد أيضاً
حكاية باب!
لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة لتحديد ملامحي النهائية. كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …