بعد عمل مضنٍ قبل إجازة عيد الأضحى أراد محمد بأن يقضي يومين من إجازته في السفر للإستجمام ولكن هذه المرة إلى داخل السعودية، حيث قرر أن يستكشف مدينة أملج الجميلة بسواحلها، ولكن الإعلام وشركات السياحة لم تعطها القدر الكافي من الدعاية لكي يعرفها الناس، وكذلك عدم وجود المنتجعات والبنية التحتية الكافية من مطارات ومحطات للقطار لتسهل على الناس الوصول إلى تلك المناطق لقضاء اجازاتهم هناك بدلاً من خارج المملكة، ففكر محمد في قضاء إجازته هناك، فاتصل محمد على إصدقائه إبراهيم ومنصور وبندر وشاورهم عن عزمه للسفر الى صديقهم خالد الذي في مدينة ينبع ثم إلى أملج عن طريق ينبع وقال لهم هل ترافقونني فأبدوا جميعهم بالموافقة فقال لهم محمد:إذاً جهزوا بدل الغطس مع ملابسكم واتصل على صديقه خالد وأبلغه عن عزمه للسفر لمدينة ينبع وأخبره على أنه في هذه الإجازة سيأتي هو والأصدقاء من الرياض إبراهيم ومنصور وبندر عن طريق الطائرة لمطار ينبع وسنذهب في الاجازة لمدينة أملج حيث سنذهب هناك لصيد السمك والغوص فهل سترافقنا أو لديك عمل فقال خالد: حتى لو كان لدي عمل سأفضي نفسك لكم وهذه الساعة المباركة التي ستزوروني ونلتقي فيها مع أصدقائي ، فقال محمد: أرجوك لانريدها زيارة رسمية وولائم من بيت لبيت ولكن نريد التوجه مباشرة لما قلته لك، فقال خالد أبشر اتفقنا وأنا سأستقبلكم في مطار ينبع فقال محمد: إذاً اتفقنا على أن تكون ينبع هي محطة التجمع والانطلاق إلى أملج،فاتصل محمد على أصدقائه وأبلغهم بما تم الاتفاق عليه على أن تكون رحلتهم بعد غد الجمعة بعد العصر حيث حجز التذاكر وقال لهم: الموعد في الصالة الداخلية الساعه ٣ حيث الرحلة ستكون الساعة الرابعة عصراً فقالوا: اتفقنا وأتصل محمد على صديقه خالد الذي في ينبع وأخبره بأن موعد رحلتهم ستكون الساعة الرابعة عصراً إن شاء الله في يوم الجمعة فقال أنا سأنتظركم في مطار ينبع وعند اليوم الموعود إلتقى الأصدقاء هناك في صالة المغادرة الداخلية بمطار الملك خالد الدولي بالرياض وتمت إجراءات المطار وشحن للعفش ثم مالبث أن نادى المنادي على موعد رحلة طائرة ينبع عن طريق البوابة ٣ هناك والمتجهة إلى مطار الأميرعبدالمحسن بن عبدالعزيز في ينبع وعندما ركبوا في مقاعد الطائرة كانت رحلة ممتعة وخفيفة لم يشعروا فيها بمطبات هوائية وعندما هبطوا في مطار ينبع ونظر محمد للساعة وجد أن الرحلة قد استغرقت ساعة وعشرين دقيقة وكانوا خلالها على متن طائرة إيرباص وما أن خرجوا عبر البوابة الزجاجية للمطار حتى داعبتهم نسمات عليلة قادمة من البحر،كان صديقهم الينبعاوي خالد في استقبالهم، فرحب بهم ترحيبا حاراً وأقلهم في سيارته من المطار وأنطلقوا إلى أملج مباشرة فقال محمد: كم تبعد أملج عن ينبع فقال خالد : أملج تبعد عن ينبع بحوالي 150 كيلو وهي تقع على ساحل البحر الأحمر بين مدينة الوجه شمالاً ومدينة ينبع جنوباً وتبعد عن مدينة تبوك بحوالي 500 كم وتتبع لإمارة منطقة تبوك،إذ تقع في الجنوب الغربي منها وتشتهر بتنوع تضاريسها فهي تتميز بجمال بحرها وسحر شواطئها وجزرها البكر فيوجد فيها بحر وجبال وكثبان رملية وسهول ، وأما أهم المتنزهات البحرية فيها: جبل حسان ، الحرة الدقم ، الحسي ، الشبعان ، وتتميز بالسواحل البحرية النظيفة ، وتوفر الأنواع المختلفة من الأسماك إذ تجتمع في محيطها الشواطئ المتنوعة والجزر المتناثرة والأشجار البرية على ضفاف الأودية المزروعة والكثبان الرملية والسهول الساحلية ذات الأحجار المصقولة الملونة فضلاً عن جبالها الشاهقة من جهة الشرق للقادم لمدينة أملج، وإن كورنيش المدينة والمصمم حديثاً سيلبي رغبات الأطفال والعوائل في التمتع بالمسطحات الخضراء مع زرقة البحر واللون الفيروزي للمياه الصافية للمنطقة وهناك شمالاً على امتداد الكورنيش تستطيع تناول وجبة الغداء على شاطئ الدقم في ظل النخيل والتي تنتشر بشكل طبيعي على امتداد الشاطئ، وإذا أردت رؤية إزدحام قوارب الصيد فعليك بزيارة الميناء في منتصف مدينة أملج وشاهد إزدحام القوارب المحملة بصيد اليوم من الأسماك وإنتشار مطاعم الأسماك حول الميناء لعاشقي الصيد والرمال البيضاء فإن رحلة بحرية لإحدى جزر المنطقة والتي تصل إلى ١٠٣جزيرة ستبهرك بشواطئها البيضاء والنظيفة والشعب المرجانية المتنوعة ومناطق الغوص الخلابة، وأما محبو البادية وتسلق الجبال و الرمال ، فإن شرق المحافظة توجد به المنتزهات البرية والمزارع مثل : الزاوية ، الثميلة ، البوانة ، الرويضات ، الريع ، البغث ، والفقير والعين وأم سدرة والدغيلج وأم غواشي وسمنه وتتميز تلك المتنزهات بوجود أشجار السمر المنتشرة في الوديان والسهول الجبلية حيث يستأنس بظلالها المارة والمتنزهين ، وبعد هطول الأمطار تكتسي الأرض والأودية المنحدرة من الجبال بالخضرة والأزهار ، وهي فرصة للإستمتاع بجمال الصحراء ومناظر والنخيل والمزروعات المنتشرة في الأودية التي تخترق تلك الرمال حيث تنتشر في المحافظة المئات من المزارع، وتعتبر أشجار النخيل والمانجو من الأشجار الرئيسة التي يحرص المزارعون على زراعتها،ومن أشهر المحصولات الزراعية بالمحافظة التمور والمانجو والطماطم والخضروات،وخلال أيام السنة تحتضن أملج كثيرًا من الفعاليات الرياضية والشبابية، كما تتمتع بطقس شبه معتدل، إذ تنعم بدرجات معتدله نسبة إلى السواحل الأخرى من السعودية، ففي نهار أغسطس تصل أعلى درجة للحرارة إلى 36 درجة مئوية، وتنخفض مع دخول فصل الخريف، ويكون الخريف إيذانًا ببدء صيد السمك والرحلات البحرية، وذلك بعد جني ثمار المانجو والتمور في شهري يوليو وأغسطس،وقد انتعشت المدينة واتسـعت في العصر الحاضر وزادت حركة النشاط التجاري والعمراني والتعليمي بالمدينة ونشطت هذه الحركة بشكل ملحوظ بعد افتتاح الطريق البحري بين ضبا والتي تبعد 300 كلم شمال أملج في الجانب السعودي وسفاجة في الجانب المصري، يوجد العديد من الجزر على ساحل أملج ثلاث جزر وأشهر الجزرأمام شاطئ أملج مباشرة جبل حسان وأم سحر وهناك بجزر الفوايدة تقع شمال أملج ستون جزيرة تقريباً قبل وادي الحمض ،وتعتبر تاريخياً تابعة لأملج لأن وادي الحمض قديماً يفصل بين قبيلتين جهينة وبلي وكلاهما من قضاعة وهذه الجزر بعضها سميت بأسماء بعض الأشخاص كبعض الوجهاء والأعيان من شيوخ القبائل والعلماء، وتعتبر مدينة أملج قديماً ثاني أكبر مدينة تجارية بعد مكة المكرمة كما ذكره المؤرخ الحموي في كتابه معجم البلدان إلا إنها اندثرت هذة التجارة عبر السنين وما أن وصلنا إلى أملج، استطرد خالد وقال : تسمى مدينة أملج أيضا الحوراء، وذلك لبياض شواطئها فلما رأوا أصدقاء خالد أملج انبهروا بجمالها وروعة شواطئها ونقاوة زرقة شواطئها الزمردية، حتى زاد حماس الأصدقاء وروح المغامرات البحرية لديهم،وأول خطوة كانت البحث عن سكن مناسب يأويهم ، فقال خالد :”في أملج العديد من الشاليهات الجميلة التي تطل على البحر الأحمر والتي تناسب ايضاً العائلة كثيرة العدد، إذ تشتمل على غرفتين فأكثر، ومطبخ فسيح يطل على حديقة على البحر أيضًا”، ولكنهم بعد أن تشاوروا فضلوا على أن يسكنوا في فندق النورس الذي يطل على شاطئ الدقم وحينما وصلوا لفندق النورس وجدوا جناحاً مطلاً على البحر واستأجروه حيث كان غرفة بمنافعها أي بمطبخ وصاله وحمام وكانت صالة الطعام مطلة على هذا الشاطئ الجميل الذي على إمتداده النخيل والحدائق وألعاب الأطفال، وفرغوا شنطهم ووضعوا ملابسهم في الدولاب وانشغل أصدقاء محمد في الصالة وأما محمد فدلف للغرفة
ثم إستلقى على السرير وأخذ يسمع موسيقى الأمواج الهادئة تارة والقوية تارة أخرى ثم قام وجلس على الكرسي الهزاز بالقرب من النافذة المطلة على البحر وأخذ يتأمل كثيراً ويفكر فيما حدث له في السنوات الأخيرة من هموم حيث قد مرضت والدته ولم تعد تتحرك إلا بكرسي متحرك ودائماً على فراشها وكذلك زوجته حتى أفرغ مافي قلبه من ألم وصدره من ضيق حامداً الله على كل حال وواثقاً بان الله سيعوضه عن صبره خيراً في الدنيا والآخرة وشعر بأن جبلاً قد انزاح عن قلبه بعد مناجاة مع ربه ثم نفسه فخرج في صالة الطعام وتأمل من إطلالتها صوت الأمواج الهادئة والتي شعر بأنها تحادثه وتفهمه شعر بعدها ببرودة المكان فأخذ يتمشى في الصالة ولكن تعب السفر وبرودة الطقس ليلاً جعلته يفكر في العودة للغرفة لفراشه الدافئ وللخلود للنوم ولم يكلف نفسه عناء خلع ملابسه ولكنه إندس تحت البطانية حتى بدأ يشعر بلذة الدفء تسري في خلايا جسمه، وبينما هو كذلك حتى غمره النوم ولم يوقظه إلا صياح الديك في الصباح الباكر وغناء طيور النورس حيث كانت رائحة البحر في صباح اليوم التالي أنعشت الذاكرة وألهبت حماس رفاق الرحلة في الدخول إلى البحر، فجاء خالد لرفقاه في الفندق واتصل على محمد وقال له: صباح الخير أنا الآن في اللوبي و أنتظركم تحت، فقال محمد: حسنا سننزل بعد قليل فنزل الأصدقاء في اللوبي وسلموا على صديقهم خالد وقال لهم: كيفكم عساكم ارتحتم البارحة ونمتم جيداً فقالوا جميعاً: الحمد لله فقال خالد: هل تريدون القهوة الآن في الفندق أو نجلس في أحد الجلسات على الكورنيش لتناول القهوة هناك أو نذهب لنفطر في مطعم أكله نظيف ولذيذ فقال محمد: نذهب لنفطر أولاً، ثم خرجوا الأربعة من الفندق وذهبوا مشياً وكانت المطاعم والبوفيهات على الشارع وقريبة من الفندق وكانت المدينة هادئة لدرجة أنهم كانوا يسمعون صوت الأمواج وطيور النورس وصوت حفيف جريد النخل المزروع على امتداد الشارع و الذي يداعبه نسيم البحر وعندما دخلوا البوفيه طلبوا كبده وفول وعدس وبيض عيون وشاياً وكان الأكل لذيذاً كما قال خالد وكان المطعم نظيفاً والطباخين كانوا يلبسون قفازات وكمامات لأجل إعداد الطعام وتجهيزه وبعدما فرغوا من الإفطار قال خالد: هل تريدون الصيد أو الغوص أو كلاهما فقال محمد: نريد كلاهما معاً لأننا قد أحضرنا عدة الغوص والصيد معنا، وهي في شنطنا بالفندق وكذلك معنا حافظتين سنضع بهما ثلج واحدة للصيد والأخرى للماء والعصير ونريد أن نمر على محل أدوات الصيد والغوص لكي نشتري دبات أوكسجين وخطافات للصيد وطعم للسمك وشبكة ،فقال خالد: حسناً سنذهب في سيارتي وأنا أعرف صديقاً لي هناك سيراعينا كثيراً فيما نريد وعندما وصلوا بالقرب من سوق السمك توجهوا ودخلوا محل أدوات الصيد فوجدوا مايريدونه وأكثر وأشتروا ما أحتاجوا إليه ووضعوا الأغراض في السيارة ثم توجهوا إلى السوبر ماركت لشراء ماء وعصيرات وثلج ومرطبات وخبز وخضار وزيت وبهارات وبصل وثوم ورز وذلك لغرض الطبخ وعبوا حافظات الشاي والقهوة من البوفيه وتوجهوا للفندق وأخذوا أغراضهم ثم قال لهم خالد:أقترح عليكم الذهاب إلى زيارة جزيرة جبل حسان، وهي أكبر الجزر وأقربها إلى أملج، إذ تبعد عنها بمسافة 20 كم تقريبًا من الجهة الجنوبية الغربية حيث سنستأجر قارباً يكفي لثمانية أشخاص حتى يكفي لأغراضنا ونأخذ فيه راحتنا في الحركة والقارب لا يتطلب حجزاً مسبقاً، فقط كل ما كان يلزم هو أخذ أذن من دورية حرس الحدود من المرفأ هناك ليسهل لنا التنقل بين جزر أملج، ثم أخذوا القارب ووضعوا كل أغراضهم ثم أشار عليهم خالد ببقعة لأجل الصيد لتوفر السمك فيها فجهزوا السنارات ووضعوا الطعم ومارسوا الصيد ولم ينتظروا طويلاً حتى كانت السنارات تهتز لأن السمك قد ابتلع الطعم وثم أخذوا يجذبونها بقوة وبالتدريج حتى صارت الأسماك على ظهر القارب تتقافز فقام خالد وأراهم كيف يتم الصيد بالشبكة والخطافات وكيف يتم رميها باحتراف ولم تلبث ربع ساعة حتى علق فيها السمك والإستاكوزا والكابوريا مما جلب صيداً وفيرًا لهم أكثر مما توقعوا، فقال منصور: لم نتوقع ياخالد بأن نصطاد هذا السمك الكثير لا سيما أننا لازلنا مبتدئين في الصيد، فقال خالد: إن هذا هو موسم صيد السمك والرزق والحمد لله كثير
وكان إبراهيم وبندر ومحمد منهمكون في الإعداد للغداء فمنهم من يقطع البصل ومن يقطع الطماطم ومن يغسل الرز وحالما انتهوا من الصيد كان خالد الينبعاوي قد جهز عِدَة الطبخ فوق ظهر القارب، فنظف خالد بعض السمك الذي سيحتاجونه للطبخ وقام خالد بطهي السمك حيث سيطبخ صيادية مع الرز وقام محمد وإبراهيم ومنصور وبندر بوضع باق السمك في الحافظة التي قد وضعوا فيها الثلج والتي كانت بجانب الحافظة الأخرى التي بها عصيرات وماء ومشروبات غازية وبعدما نضج الغداء قال خالد: مارأيكم أن نتاول غداءنا على الكورنيش فهناك جلسات مخصصة لذلك فقال محمد: لا نود تسليم القارب الآن ولا مانع أن نكون بقرب المرفأ ونتغدى على متن القارب على أن نستأنف رحلتنا البحرية ونعود للغوص وكذلك من أراد دخول أحد دورة المياه التي موجوده على الكورنيش فقال خالد: إنه رأي سديد، ثم عادوا إلى مرفأ شاطئ جزيرة جبل حسان وربط خالد القارب فيه وجهزوا غداءهم ثم غسلوا أيديهم وجلسوا ليأكلوا من صيادية السمك الذي إصطادوه فقالوا جميعاً: ماشاء الله صيادة لذيذة الله يعطيك العافية ياخالد، فقال خالد: الله يعافي الجميع وهذا مجهود الجميع و كان بإمكاننا بأن نأكل هذه الوجبة من أحد هذه المطاعم التي على الكورنيش ولكن متعة و لذة السمك حينما تصطاده وتطبخه فتكون المتعة هناك أكثر فقالوا: نعم هذا صحيح فقال محمد: من سينزل معي للمشي؟! فقالوا كلهم ماعدا خالد: نحن سنرافقك وأما خالد فقال: أنا سآخذ غفوة ونزلوا من القارب وأطلقوا سيقانهم للتريض ومنهم من ذهب لدورة المياه ومنهم من أراد المشي وأما محمد فقد فضل الاستمتاع بالمشي بموازاة الشاطئ فخلع حذاءه لكي تلامس قدماه الرمال وسرعان ماعانقت حبيبات الرمل الناعمة أصابع قدميه فلم يستطع أن يقاوم إغراءها مع نقاء البحر الأزرق ورملها الأبيض والمسطحات الخضراء وأنطلق صوب الشاطئ الذي لامس رمله الأبيض وأمواجه القصيرة أقدامه وأخذ يمشي باستمتاع وبالهون مستمتعةً قدماه بالدفء الذي يسري في بدنه مع كل خطوة يخطوها فوق هذا الرمل الجميل الناعم المحاذي للبحر الذي أمواجه تعزف سيمفونية هادئة وجميلة فشعر بالسرور حيث جمال الطبيعة والهدوء والاستمتاع بالهواء النقي ورائحة البحر وأصوات النوارس فهو كان ينقصه مكان مثل هذا المكان وجو مثل هذا الجو
وبينما هو يمشي محاذياً للبحر رأى في طريقه بعض الأصداف الجميلة حيث لم يستطع مقاومتها فأخذها وفحصها ووضعها في جيبه حيث أرادها كذكرى لهذا المكان الرائع واللحظات الجميلة مع أصدقائه على هذه الجزيرة الجميلة التي تسمع فيها صوت أمواج البحر والنوارس، فنزع ملابسه ولم يبقِ على جسمه سوى شورت جينز وغمر أصابع قدميه في غمرة مياه البحر الباردة وسرت رعشة في قدميه وجسمه وبللهما ودعكهما ثم قفز في الماء بجسمه ثم شعر بأن الدم يسري في عروقه حيث اقشعر جلده من المتعة وشعر بأنه سعيد حينما يكون في حضرة الطبيعة بعيدا عن التلوث والصخب البشري وكان محمد يشارك أصدقائه منصور وإبراهيم و بندر السباحة في البحر فجاء لهم خالد بشورت السباحة ليسبح معهم وقال: إن السباحة في البحر مختلفة فقالوا له: كيف، فقال خالد: اذا كانت موجات البحر عالية فلا تسبحوا فالبحرغدار فأمواجه تجذبكم للداخل العميق فاحرصوا لكي لا تغرقوا ولا تتعدوا الأعلام الحمراء والتي عادة تكون على مدى 100-150 متر عن الشاطئ و كونوا على حذر من قناديل البحر لانها سامه واذا شعرتم لاقدر الله بالخطر فارفعوا يدكم عالياً وأطلبوا المساعدة من المنقذين على الشاطئ، ثم تشاورخالد فيما يخص الغوص وعندما عادوا للقارب وذهبوا لجزيرة أم سحر حيث سيمارسون هناك رياضة الغوص وحينما وصلوا هناك أخذ محمد ومنصور وزيد وإبراهيم تجهيز أدواتهم لهذه المهمة ولبس كل واحد منهم بدلة الغوص لأجل الإستمتاع برؤية أعماق البحر والشعب المرجانية والأسماك الملونة، وأما خالد فكان يرقب على ظهر القارب المغامرات الشبابية ومحبي الصيد على الجزيرة،
ثم نزل أصدقاء خالد واحداً تلو الاخر في البحر، وبعدها بنص ساعة خرج أصدقاءه الغواصين واحداً تلو الآخر وساعدهم على الخروج خالد وبادرهم بالسؤال: هاه كيف رأيتم البحر تحت هل أعجبكم ؟! فقالوا جميعاً: إنه رائع فهناك في قاع البحر نجد كل الألوان بجمال ما يحتويه لنا من كائنات مسالمة وشفافة جميلة وشعاب مرجانية ساحرة فهناك أصوات وجمال في الأعماق بظلماء المياه وفي نفس الوقت صفاؤها وفي شواطئ البحر نرى لوحات سحرية لا حدود للتعبير والتفكير والتأمل في جزيئاتها لقد كانت تجربة شاطئ أملج وجزرها مثيرة فقد غسلت قلوبنا من أدران الهم وإرهاق العمل و الروتين والملل، وانتشت نفوسنا لرائحة البر و البحر حين تمازجا عليدى حدودهما ملوحة المياه وعذوبة وسحر الأعماق و شاعرية الشروق و الغروب الدافئ الذي تأتي بأشعة الشمس الحانية اللامعة بسحرها لترينا ما أودعه الله لنا من جواهر في هذه الجزر و أعماق البحر
ثم فسخوا بدلت الغوص ونظفوها و نشروها على القارب ، فقال خالد : إن شاطئ جزيرة أم سحر ساحر بجماله حيث الرمال البيضاء، كما أن الجزيرة لاترتفع عن مستوى البحر كثيراً، إذ تشبه جزر الأفلام وقصص الخيال،إنها أجمل من جزر الباهاما فأملج جمعت مابين جمال الصحراء وسحر الشواطئ ذات الرمل الأبيض وأمواجه زبد أبيض في بحر أزرق بالنهار وبالليل يضيء زبد الموج في منظر مهيب أما عند الشروق فجمال أملج لايضاهى، ومع الغروب يتلون أفقها بالخيوط الذهبية على الشواطئ الزمردية والرمال البيضاء لذا كثيرًا ما يقام هنا رياضة سباق القوارب والدبابات البحرية ، أو محبو الرياضات البحرية عموماً فقال محمد: فعلا كانت رحلة أملج لاتنسى مع رفقة طيبة صالحة ولم يسبق أن كلمتنا ياخالد عن هذا الجمال الساحر في بلادنا فأنا قد أحببت زياتها بعد الإعلان عن المشروع السياحي الكبير على مستوى العالم الذي سيتم إنشاؤه في تلك المناطق مابين الوجه وأملج،قال خالد: كنت أعتقد بأنك من هواة السفر للخارج فقال محمد: أنا لم أكن أتوقع وجود جمال الطبيعة إلا في الخارج فقال خالد: نحن لم نتعمق إلى الوجه وضبا حتى تبوك حيث جمال الطبيعة وتلك الرمال الذهبية ولون البحر السماوي ومنظر النخيل إنه منظر ساحر يسحر القلوب قبل العيون فأملج تعني جبال ورمال ونخيل وشجر وزراعة وبحر وجزر تكفيها تلك المغريات لتكون منطقة سياحية من الدرجة الأولى في العالم لذلك لم أستغرب بأن تكون من ضمن أضخم مشروع سياحي في العالم الذي أعلنت عنه السعودية وهو مدينة نيوم، حيث يندرج في إطار تنويع الموارد الاقتصادية ضمن الخطة الشاملة “رؤية 2030″،ويقوم المشروع على تحويل أكثر من 50 جزيرة ومجموعة من المواقع على ساحل البحرالأحمر إلى منتجعات سياحية،ويمتد المشروع على طول 180 كيلومترا بين مدينتي أملج والوجه على السواحل الغربية للمملكة،وسيتولى صندوق الاستثمارات العامة تمويل المشروع، قبل فتح المجال أمام مستثمرين أجانب وانطلقت أعمال البناء في الربع الثالث من 2019 في مرحلة أولى، سيتم خلالها توسيع المطار، وبناء فنادق ومنازل فخمة،ويتوقع أن يتم الإنتهاء منها في الربع الثالث من 2022.وهذا لمشروع سيسهم في “إحداث نقلة نوعية في مفهوم السياحة وقطاع الضيافة”.
وأستطرد خالد وقال: وحسب علمي فإن هناك مشاريع قد اعتمدت في عام ٢٠١٤ بشأن إنشاء خمسة مدن سياحية بمنطقة تبوك وهي: مدينة سياحية في “الشريح” بمحافظة حقل، و”قيال” بمحافظة البدع، و”السجدة” بمحافظة ضباء، و”الهرابة” في محافظة الوجه، و”النصبة” في محافظة أملج، لذلك ما سيتم عمله هناك فهو مشروع ناجح لأنها مناطق جميلة وتستحق الاهتمام وينتظرها مستقبل واعد وممتعة للعوائل والشباب، فالسعودية لديها مقومات سياحية جميلة وكبيرة جداً ، حيث تمتلك أجواء مختلفة ومركزاً إستراتيجياً ولكن تحتاج إلى هيئة سياحة تكون نشطة جداً ومدركة أهمية ذلك ولكي تعمل وتعطي تسهيلات لرجال الأعمال والإعلام عليه مسؤولية لابراز هذه الأمور ليشعر بها المواطنون والمقيمون ولكي تروج لها شركات السياحة في العالم ، لتكون السعودية قبلة للسياحة ليس في الخليج فقط ولا في الوطن العربي بل على مستوى في العالم، وحينما أذن المغرب توضؤوا وصلوها معا جمعاً مع العشاء في مسجد على الشاطئ ثم قرروا العودة إلى غرفتهم والنوم مبكراً لأن سفرهم غداً في الضحى حيث ستقلع طائرتهم الساعة العاشرة صباحاً فقال خالد: لماذا لا تجلسون بقية الإجازة لكي نستمتع أكثر ولكي ترون أماكن أجمل ، فقالوا له أصدقاؤه: لم يبق على العيد الا يومان ونحن مرتبطون بالعيد مع أهلنا والعيال ولكن إن شاء الله سنعوضها في الأيام القادمة إن شاء الله فقال خالد: أنا سأمر عليكم غداً صباحاً لكي أوصلكم المطار الساعة ٧،٣٠ لان المسافة مابين أملج وينبع ١٥٠كيلو فلو كان هناك مطار في أملج لسافرتم من أملج مباشرة ولكن المطار في مدينتي ينبع و الوجه فقال محمد: والوجه كم تبعد عن مطار أملج فقال خالد ايضا ١٥٠كيلو فقال أصدقاء خالد: المرة القادمة سنأتي على مطار أملج إن شاء الله فقال خالد: إن شاء الله، فتوقفت سيارة خالد وقال لهم: ياشباب لقد وصلنا الفندق ونزلوا أغراضهم من شنطة سيارة خالد حيث ملابسهم وعدة الغوص والصيد وتركوا حافظتي السمك بالثلج والمبردات في السيارة وقالوا لخالد: سنترك عندك هاتين الحافظتين عندك لرحلاتنا القادمة فقال خالد: ماعندي مانع ولكن بشرط أن تنفذوا وعدكم بالزيارة لي عدة مرات وهذه لا تعتبر زياره فأريدكم المرة القادمة بأن تتركوا لي أنفسكم لكي آخذكم لأماكن أجمل ولكن هذه المرة الوقت قصير ويوم واحد لايكفي ولم نأخذ راحتنا في نزهتنا البحرية، فقالوا له: سيكون بيننا تنسيق في المستقبل القريب إن شاء الله وتصبح على خير فقال خالد : لاتنسوا بأن تجهزوا شنطكم قبل أن تناوموا حتى لاتنسوا شيئاً في الفندق بالصباح وقبل أن يذهب خالد لوح لهم بيده وقال: تصبحون على خير ودخل محمد ورفاقه للفندق وصعدوا في المصعد الكهربائي للدور الثالث الى غرفتهم وحينما دخلوها بدأوا بتوضيب أغراضهم في الشنط ثم ناموا جميعا وقاموا لصلاة الفجر حوالي الساعة ٤،١٢ دقيقة وتوضؤوا وصلوا جماعة في الصالة ثم نزلوا عند الساعة ٥،٣٠ص حيث ذهبوا إلى بوفيه على الشارع بجانب الفندق ليفطروا على فول وفلافل وبعدما أفطروا وشربوا الشاي هناك إشتروا قوارير ماء للشرب وعادوا للفندق الساعة السادسة والربع وعند الساعة السابعة جاءهم صديقهم خالد ليقلهم بالسيارة إلى ينبع فأنزلوا أغراضهم وحاسبوا الفندق وركبوا مع خالد وسافروا متوجهين إلى مدينة ينبع فجاء خالد معه بحافظتين واحدة للشاي والثانية للقهوة وجاء معهما بتمر وبيالات للشاي وفناجين للقهوة ثم بدأت الاحاديث تدور عن أعمالهم وعن أولادهم وحياتهم ويتناولون القهوة والتمر والشاي حتى وصلوا لمطار ينبع فأخذوا شنطهم من السيارة وودعوا خالد وقال: ليس الآن لن أترككم حتى تركبوا الطائرة، وبعدها بلحظات نادى المسؤول عن الصالة عن الرحلة وموعدها ولوحوا بأيديهم لخالد ورد خالد عليهم بالمثل وركبوا في الطائرة متوجهين للرياض ثم أخذوا يتكلمون عن رحلتهم الى أملج حيث كانت رائعة وعن طيبة خالد وشهامته وأنهم سيكررونها عدة مرات وعند وصولهم لمطار الملك خالد الدولي وخرجوا جميعاً أخذوا تاكسي واحد ووضعوا شنطهم فيه في شنطة السيارة وكان منزل محمد قريب من المطار في حي الصحافة شمال الرياض فكان هو أول من وصل لبيته أما إبراهيم ومنصور وبندر فهم في جنوب الرياض ويبعدون عن المطار حوالي أربعين كيلو وقد وصلوا إلى منازلهم بعد ساعتين لشدة الزحام والإزعاج في الرياض.
سلمان محمد البحيري