كنت في السيرك أشاهد قرود الشمبانزي المدربة ، تركب البسكليتات و تجري بقباقيب الانزلاق ،و كنت أرى السباع والنمور المفترسة تلعق خد مدربها في خضوع ، و عجبت أشد العجب للإنسان الذي ساد مملكة الحيوان كلها و أخضعها لأمره و إشارته،كيف لم يستطع أن يخضع الحيوان بداخله .؟!
إنه لا شك يستطيع بدليل ما أرى أمامي ، و لكنه هذه المرة لايريد ،فقد اختار أن يترك حيوانه الخاص على سجيته ليلعب معه لعبة اللذة .
اختار أن يتركه على حريته ليقاسمه هذه المصلحة العاجلة ، والإنسان المكير يفعل ذلك بخبث و يدعي أنه ضعيف و أن حيوانيته غلبته ، و لكنه يكذب ليبرر لنفسه ما يختلس من لذات !
و ما أجرأه على الكذب ذلك الذي مشى على القمر و ارتحل إلى النجوم ، و أخضع وحوش الغاب حينما يدعي “أنه لا يستطيع أن يحكم الوحش بداخله “.
د. مصطفى محمود رحمه الله
من كتاب ” من أمريكا إلى الشاطئ الآخر ”