لن نرتقي بدون الحب

عندما خلقنا الله وخلق فيناغرائز جمع غريزه والغريزة في الاصطلاح :هي الفطرة الربانية،وهي حاجة تخلق مع الكائن لاتكتسب ولا علاقة للعقل بها،وهي ما غرز في النفس بدون تدخل من الإنسان فهي غريزة .ومن ضمن الغرائز الحب التي يتفرع منها الحنان والرحمة والحب في الأصل هو حب الله ولم يجعله الله فينا لكي نجعله حكراً لشخص معين أو لأبنائنا أو بعض أقاربنا أو أصدقاءنا أو لشيء معين إذا أحببناه أحببنا العالم وإذا كرهناه كرهنا العالم كله ،إنها كيمياء معقده ولكنها تكون سهلة لمن يملك الإيمان بالله أولاً، فالحب غريزة ساميه شامله ومهمة في الحياة نستطيع أن نتعايش به في وسط هذا العالم المضطرب لكي نعيش بسلام ونبدع وهو أنواع كثيره فهناك حب الإنسان لله سبحانه وتعالى،وهذه العلاقة شديدة الخصوصية  يصرفها الفرد ويستشعرها ويتذوقها إنها الحب الصافي الذي يتعلق فيه المحب بحبيبه، وهذه العلاقة لا يعرف كنهها إلا من عايشه عند العزلة مع الله وعبادته أو عمل خيرا خالصاً لله بدون أن يراه أحد. ومن أنواع علاقة الحب السامية وهي حب الأم لأبنائها إنه الحب الذي يتدفق عطاء وحناناً ورعاية إنه حب بلا حدود وبلا مقابل، لتنمي شخصية طفلها وتربي إنسانا قادرا على مواجهة مطالب الحياة ومصاعبها، وقادراً على المساهمة في بناء مجتمع ومن ثم وطن متحضر وأما النوع الآخر من الحب فهو الحب العذري وعلاقة الزوج والزوجة، وهي علاقة حب وشراكة ومودة ورحمه و بناء وتكامل وليست علاقة جدال وصراع، إنها علاقة تتصف بالود والسكينة والرحمة والاحترام والوضوح والتواصل والتضحية بنفس راضية،وهناك حب الوطن الذي يرتبط بحضارة الآباء والأجداد والذود عن حياضه…الخ. وهذا الحب الذي يتفجر كالبركان في الغربة ولا نحس به إلا بالبعد عنه، وحب العلم والقراءة وهو بحر واسع يجد السابح فيه متعة كبيرة،متعة البحث ومتعة الاكتشاف ومتعة تقديم نتائجه لتوظيف ذلك لمنفعة الفرد و في خدمة المجتمع والوطن، فكم من النشاطات أثرت في خدمة الإنسانية بفضل حب العلم، وحب العطاء للآخرين من خلال قضاء حاجة بعض الناس ومن خلال التطوع وخدمة المحتاجين من الايتام والمسنيين والحجيج وغير ذلك كثير ،إن غريزة الحب في حياة الكائن الإنساني امرأة كان أم رجلاً في هذا الجانب من العطاء ليس الغرض منها الشفقة والرياء، وتأثيره نستخلصه من الواقع الملموس البسيط الذي يظهر بارزاً في كل جيل وكل عصر، وكل بيئة، وهو نتيجة الوعي وتفتح الذات على غيرها وعلى العالم، فيوفق الله صاحبه لطريق النبوغ و المجد والعمل والإبداع في أحد الحقول العامة، حسب الظروف والأوضاع والوسائل، لأن في أساسه عطاء بسخاء وإبداع خلاق تقرب النفوس وتفجر إبداع العقول لما فيه خير المجتمع وإسعاد الناس، وهنا يأتي دور التربية الفعالة في المنزل وكذلك دور وزارة التعليم من خلال المدارس والجامعات لتوعية المعلمين والمعلمات لإيصال ذلك للطلبة والطالبات لأجل إفادة الإنسانية من الحب السامي على أكمل وجه وأدقه وأحلاه، من جانب التربية في دراسة عالم الحب، لأننا نلاحظ دوماً أن شخصيات العظماء في التاريخ من قادة وشعراء وأدباء وعلماء وفنانين ومخترعين إمتازوا أكثر ماامتازوا بقدرتهم العجيبة على الحب وتفردوا بذلك اللهب الداخلي فلا يملون الجهد من أجل غيرهم، ولا يتوانون لحظة عن الاستمتاع بالخدمات التي كانوا يؤدونها للآخرين من خلال هذا المنظار برغم كل ما تنطوي عليه من صعوبات ومشقات، ولم يكن لهم من حافز أصيل على الصبر والجلد، سوى لهيب الحب في جوانحهم،وهناك أنواع كثيرة ايضاً من الحب، مثل حب الطبيعة من سماء وبحر وشجر وقمر وورد وحب للحيوانات والطيور، وحب الأماكن و حب الجمادات وحب الاديب للقلم الذي يكتب به وحب الفنان للريشة واللوحة التي يرسم عليها، وحب الفنان للآلة التي يعزف بها وحب القارئ للكتاب الذي يقرأه، وإن الحب للإنسان كالسفينة في خضم تلاطم أمواج الحياة،فالحب الشامل هو الكنز الذي نبحث عنه في الخارج وهو بداخلنا، إن طاقة الحب للناس وللعمل وللأشياء من حولنا،تنعكس على الإنسان في حياته الحاضرة والمستقبلية لذلك يجد بداخله الكنز ألا وهو السعادة وراحة البال، إن طاقة الحب هو علاج للنفس من القلق والكآبة لأنها تسهم في الإصلاح والبناء والتحديث للإنسان والمجتمع ،فبدون الحب لانستطيع العيش في ظل التسامح والخير والرحمة مع الآخرين ولا نتعلم ولا نتطور ولانرتقي، وإذا فقدنا هذه الغريزة السامية الجميلة فإن القلوب يملؤها الكراهية والحسد والحقد والعنف ويتطور الأمر إلى القتل والإرهاب لدى البشر فينشأ من خلال ذلك الحروب والعنصرية والتخلف.
سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …