أشياء لم يخبرني عنها أحد

منذ الطفولة كان لدي فضول كأي طفل وبدأت في إستكشاف عالمي الخاص الذي هو المنزل وبعدما كبرت قليلا بدأت أنظر بفضول إلى الحي الذي أسكن فيه ، وأتعرف على مايدور فيه وعلى الجيران ، ثم بعدما كبرت وأصبحت في مرحلة المراهقة زاد الفضول أكثر،و بدأت أتعرف على العالم من حولي بدون أن أكف عن الأحلام والتأمل والتعلم والمشاركة والفضول والضحك والإستغراب إذا تطلب مني الأمر ذلك،ولكن بعد مرور سنوات أخرى تعرضت في مشوار الحياة لبعض الإخفاقات والكبوات وأحياناً يكون ذلك متوالياً مما جعلني أفقد تركيزي ويختل توازني وأقع، وشعرت وقتها بالإحباط،ولكن بعد التفكير العميق إكتشفت بأن الأمل في الله هو سلاحي ضد اليأس، لأنني قد راهنت على رحمة الله وكرمه كثيراً في مراحل كثيرة من حياتي، ولقد نصرني الله في أغلب معارك حياتي بعدما شعرت بأن الدنيا قد ألقت بي في متاهات كدت أن أضيع في الدوامة لولا يقيني الكبير في الله وحسن ظني به،فلذلك قد تعلمت من مدرسة الحياة الشيء الكثير وعلمتني بأشياء لم أتعلمها من والداي ولم يخبرني بها أحد ،ولكن من خلال الألم والمعاناة تعلمت وإكتشفت بعض جوانب الحياة القاسية، وإستطعت بأن أفك شفرة بعض طلاسمها الغامضة وأنا هنا لا أدعي العلم في الحياة لأنها كالمحيط العميق،ولكني فقط تعلمت من الألم والإخفاقات والصدمات التي قد مرت علي وأستطعت بأن أحل أمور كثيرة فبعض نتائجها تظهر سريعاً وتنتهي المشكلة وبعضها يأخذ وقت طويل لكي تظهر نتائجها لكي تنتهي المشكلة لذلك كان لابد من الصبر،لذلك قد حللت أمور كثيرة بهذه الطريقة من خلال إيماني بالله ثم بالأمل والصبر و أحياناً يساعدني من يحبني ويخاف علي إذا عرف بأنني وقعت وعلقت،ولقد تعرفت للحياة بعمق أيضاً من خلال بعض الكتب بالقراءة والإطلاع على تجارب الآخرين في الماضي والحاضر والمستقبل ومايمكن تحقيقه في المستقبل ،وبدأ يكون لدي فكر واعي بوجداني ينمو ويكبر ويتكون ،فأصبحت لدي شخصية ناضجة وتشكل لدي فهم عن أسرار وتجارب وخبرات وشعرت بأن القراءة والكتابة قد حررتني من الأعياء،وإختصرت علي مسافات وتجارب كثيرة فيما لو قمت أنا بها مما أدى بذلك بأن يصبح لدي أسحلة قوية أستطيع بأن أحارب بها في الحياة وأصبحت أملك الرضا بأي قدر في الحياة لأنني أستطيع بأن أغير قدري إذا أردت ذلك وأصبح لدي القبول بأي خيارات ،ولا أخفي عنكم فقد كانت معركتي في الحياة شرسة وكانت سجالاً بيننا فمرة تنال مني ومرة أنال منها،وفي كلا الحالتين أتعلم منها مما نتج عن ذلك بأني قد تعلمت الكثير وأصبحت كل تجربة أمر بها أتعلم منها وتجعلني أقوى من قبل،وتشكلت نفسي من الداخل و نضجت بعد أن نحتتها الحياة نحتاً وصقلتها التجارب من خلال معارك الحياة ودروسها وأصبحت كالجوهرة النفيسة، ولقد كان قبل ذلك عندما أقوم بعمل وأخفق يطوقني الياس برغم وجود خطة وهدف للوصول إليه، ولكني أصبر و أواصل وأصحح الأخطاء حتى أنجح وأحقق ماأريد،ولكن البعض حينما يفشل يتسلل اليأس إلى نفسه ويقول هذا قدري وأنا حظي سيء وان قدري بأن أكون هكذا ولماذا أتعب نفسي ،ولكن ينبغي للإنسان بأن يكون لديه إيمان وتفاؤل وثقة في الله ثم بنفسه مع إرادة صلبه وعمل متواصل يستطيع بأن يغير قدره نحو مايريده بالدعاء لله لأن القدر تفاعلي وهناك في الأثر والأحاديث مايدل على أن الدعاء يرد القضاء بإذن الله, عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء وفي حديث آخر “: لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان (أي يتصارعان) إلى يوم القيامة” وعن أبي عثمان النهدي أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان يطوف بالبيت وهو يبكي ويقول:” اللهم إن كنت كتبتني في أهل السعادة فأثبتني فيها، وإن كنت كتبتني في أهل الشقاوة والذنب فامحني وأثبتني في أهل السعادة والمغفرة؛ فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب”. إذا كل ماعلينا هو الإيمان بالله وحسن الظن به مع العمل والأمل والتفاؤل والإصرار على تحقيق الهدف وثق ثقة تامة بأنك ستحصل على ماتريده قريباً أو في المستقبل القريب ولكن عليك بالصبر والمثابرة سواء الذي كنت تريده دراسة أو علم أو عمل أو نجاح أوتجارة أو منزل أو سيارة أو زوجة أو أي شيء تريده ولكن ماتريده أن يتحقق لايكفي بالكلام والتمني ولكن فلابد من العمل الدؤوب بلا كلل ولا ملل وصحح من أخطاءك ولا تلتفت للمحبطين من الأقرباء أو البعيدين وتذكر قوله الله سبحانه في الحديث القدسي ” (أنا عند ظن عبدي بي؛ فليظن بي ما شاء) فربما يتأخر ماقد طلبته من الله ولكنه سيعطيك إياه أو سيعوضك ويرزقك بالبديل الأجمل ، ببديل لم تكن تتوقعه أو يخطر على بالك لأنك تتعامل مع رب الكون ملك الملوك الكريم الرحيم ،لذلك حينما تخفق وتشعرباليأس وتقول لاأمل ثم يشعر قلبك بالخوف فتضطرب النفس ويطيش العقل ولن تحقق أي شيء مادمت إستسلمت ولكن عليك التفكير بهدوء والصبر والثبات وهذا يأتي من الإيمان بالله فتشعر بالسكينة والأمان لأن الله معك ،لأنك متفائل بما عنده من الخير وأنه سيعينك وأن القادم سيكون جميلاً ،ولقد تعلمت أيضا بأنك لن تتعلم بدون ثمن فلابد أن تدفع ثمن دروس الحياة من خلال تعبك وأعصابك وقلقك وسهرك وأن تدفعه رغما عنك أو بطيب خاطر فأنت في كلا الحالتين دافع وأن لا تشتكي من غلاء الثمن ولا تعتقد في حينها بأنك سيء الحظ ولا أحد يتألم إلا أنت لأنك لاتعاني وحدك في هذه الحياة فالجميع يعانون سواء كان صغيرا أو كبيرا أو فقيرا أو غنيا أو حقيرا أو أميرا ،فالحياة تمضي بنا ولازال الكثير من أسرارها لانعرفه وإنما تقطر علينا بالقطارة لقوله تعالى ” وماأوتيتم من العلم إلا قليلا” فالحياة كالفاتنة اللعوب لايسلم من إغوائها إلا من عصمه الله من البشر لأن بريقها أخاذ ولايدوم لها حال ولاتدوم لأحد، فلايملك الإنسان أمامها إلا أن يضعف وربما يفتتن ، ولكن الكيس من إنتبه وعاد للطريق الصحيح فصحح أخطاءه وعاد للطريق السليم حتى لايكون الضرر أكبر في الحاضر والمستقبل لأن طرقها يركض فيه المتنافسون وكل يريد ان يصل قبل الآخرويشتد التنافس والتصارع وأما جائزتها فهي متعة زائلة ،ولكن الرابح من جعل له النصيب الأكبر في ميزان حسناته وجمع مابين النجاح الدنيوي والأخروي من خلال العمل الجاد والنية الطيبة بأن يكون نجاحك هو لمنفعة الناس ولكي الله يبارك لك فلابد أن تزكي من نجاحك لكي يتقبله الله ويبارك لك فيه وكما قال المثل “الدنيا تريد والآخرة تريد ” لذلك يتطلب بأن يكون الإنسان في الحياة ربان سفينة ماهرإذا أراد الوصول لبر الأمان من خلال أن يكون متواصلاً مع الله ومتكلاً عليه حق الإتكال، مع الأخذ بالأسباب من تطوير للقدرات وأن يجعل بوصلة عقله تتجه للأمل والتفاؤل والنظر للأمور بإيجابية من خلال وجود الحلول والبعد عن التشائم والتبريرات وإسقاط الفشل على الظروف أو الآخرين والبعد عن الصورة السلبية ،لذلك إذا أردت الظفر بالنجاح وواجهتك مشكلة فقل في نفسك” أنا أقدر على حلها بإذن الله فأنا قدر الله وقضاؤة لكي أواجه المصاعب والظروف وأغيرها نحو الأفضل”.
سلمان محمد البحيري

عن سلمان البحيري

كاتب أومن بالإختلاف و حرية التعبير من غير أن تمس الثوابت الدينية والوطنية وحقوق الآخرين .

شاهد أيضاً

حكاية باب‬⁩!

لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! ‏لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. ‏وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة  لتحديد ملامحي النهائية. ‏كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. ‏لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! ‏  ‏حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير  المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …

بدايات الشغف

اقتربت أمي مني وهي تضع يدها على كتفي وتقول لي ،  أنصتي إلي نحن في …