في الهزيع الأخير من الليل ، برغم أنني كنت في فراشي من وقت مبكر ولكن النوم جفاني و القلق ألقى علي رداءه ،وأخذت أتقلب في فراشي كأني على جمر الغضا حتى تركت مضجعي ولم أشعر بالوقت حتى أزف وقت الفجر حيث كان صوت المؤذن يجلل في حارتنا، وبعدما صليت الفجر إرتأيت بأن أعتزل في مكان هادئ وجميل بعيداً عن الناس، لأني أشعر في الفترة الأخيرة بأن قلبي متألماً ومجروحاً ويشعر بأنه محروم حتى بأن يعيش محباً وسعيداً لأجل تضحيتي لأسرتي ، وكان عقلي يقول إلى متى ؟ّ! أليس من حقك ؟! أليس شيئاً قد حلله الله لك ؟! ولكن كلام والدتي هو ما يشعرني بالحيرة وعسى في الأمر خيره ،ولذك كان عقلي حائراً في هواجيسه وكنت أشعر بأني تائهاً ثم بعدما ظهر نور الصباح أعددت لي قهوة عربية وشاي في الزمزميات وأخذت تمر وبعض فناجين القهوة وبيالات الشاي ووضعتهم في الشنطة المخصصة ،وأخذت بعض القطع من حطب السمر وعدة البر والفرشة وخيمتي الصغيرة وعزمت بأن أذهب إلى روضة نوره حيث البرية لأختلي بنفسي في هذا الصباح الباكر الجميل والجو الجميل حيث تهطل الأمطار وبينما أنا متوجه إلى طريق القصيم مررت ببوفيه وافطرت فيه حيث طلبت شطيرتين شكشوكه وماء وعصير و بعدما فرغت أكملت طريقي وكانت الهواجيس لازالت تهزني من الأعماق وكنت أقول لقلبي هيا الآن تكلم وفضفض على راحتك وقلت أيضا لعقلي هيا أنت الآخر فكر وتأمل ولكن تذكر بأن الأمل في الله جميل، وبعدما وصلت لروضة نوره أخذت لي مكان بالقرب من حوض كبير به ماء وعشب وكان مرتفعا قليلا ورأيت الأرض قد أروت عطشها وأتزينت بزهور الأعشاب وأصبحت عروس جميلة وكانت الطيور من حمام وعصافير وبلابل تغني وتتطاير من هنا وهناك وهي سعيدة متنقلة مابين الشجر والأعشاب وكانت رائحة النفل والرمث والخزامي والبابونج تنعش النفس وكان منظر الزهور الملونة يخطف الألباب وكانت الأبل والأغنام والماعز فرحة بهذا الرزق الذي وهبه الله لها ، وأرى الرعاة هناك تعلو وجوههم السعادة وهم يحدون بأصواتهم ويسيرون أمام قطعانهم فرحين بهذه الرياض الخضراء، ثم جلت ببصري في الجهة الأخرى ورأيت هناك من بعيد فتيان وفتيات منهم من يمشي ومنهم من يجري ويلعب مابين المروج ، وقلت في نفسي أنظر إلى أرض هذه الروضة وهذا البر فقد كان ارضها عطشى ومتشققة ولايوجد بها اعشاب ولا زهور ولكن بعدما رويت غير الله حالا إلى حال فصارت هذه الأرض جنة لأن الله سبحانه قد احياها، فقس على ذلك بما تمر به روحك ،فالحزن لايدوم وأيضا السعادة لاتدوم والبارحة كنت في ظلام شديد والآن أنت في صباح جميل ومكان أجمل، ثم نزلت من السيارة وقمت أتمشى قليلا وأستكشف المكان ثم أنزلت من سيارتي حطبا واشعلت به النار وأخرجت العدة وفرشت الفرشة ونصبت الخيمة وأحضرت الشنظة التي بها الزمازم القهوة والشاي والتمر وأخرجت لي فنجان وبيالة شاي وأخذت في البدء احتسي القهوة، وكان رائحة حطب السمر مع رائحة العشب ساحرة أنعشت روحي ، ثم أخذت أحدو مترنماً ببعض القصيد وقلت ياقلب إبتعد عن اليأس والنوح وثق بأن الله ماحرمك من شيء إلا وعوضك عنه بأشياء أجمل ، فالله لم يخلقك لكي يعذبك لأنه غني عن ذلك ولكنه ليختبرك ويبتليك ، ثم قلت للعقل لاتحفل ببعض من يهزأ بطموحاتك، هم يفعلون ذلك لأنهم يعلمون بأنهم لايستطيعون بأن يعملوا مثلك ولأنهم لايعرفوا شيئاً سواء الكلام ، لذلك لا تجعل الظلام يقف حائلاً أمام أحلامك ولكن عش في نور الأمل ،ولذلك ترقب الصباح الباكر لأن به التفاؤل و الأمل والله يمنح كل يوم الرزق والفرج فكن صابراً محتسباً لله قوياً، وأشكو همومك لله وثق به حتى تتجاوز همومك وتنتصر عليها وأما الناس فلا أحد سيأبه لك وربما يشمتوا بك فعليك بأن لا تؤلم نفسك ولكن ثق في قدراتها ولاتحملها مالا تطيق ولا تتخلى عن أملك لأن الأمل هو الحياة.
سلمان بن محمد البحيري