حينما أكون في عزلة و أكون وحيداً مع قهوتي طلباً للهدوء حيث أرتشفها مع شكولاته داكنة، ويكون بقربي شموع عطرية وعلى طاولتي مصباح جميل، ومزهرية بها ورود رائعة بألوان مختلفة وهذا ماأسميه بالطقوس عند التأمل أو حين القراءة والكتابة، فأجلس أتامل أموراً في ذاكرتي قد مرت علي حينما كنت صغيراً، فأجد نفسي بأن حياتي كانت بسيطة جداً، وكانت أجمل من الآن حيث كنت أستمتع بألعابي وبالحلوى والرسوم المتحركة مثل جزيرة الكنز المفقود وتوم وجيري وجريندايزر وبطقوس رمضان ولياليه وبالعيد،وكنت لا أعرف الهموم ولا الأرق، فأي مكان كنت أنام فيه لأنني أعرف بأن أبي أو أمي حتماً سيحملانني إلى فراشي،وقد كانت المناسبات الإجتماعية في منزلنا كثيرة حيث الأعياد أو الولائم للمناسبات المختلفة مما جعل بيتنا وحياتي أكثر متعة و بهجة حيث تعلمت محبة الناس والتواصل معهم من الأقارب والجيران وحتى الأغراب، وأصبح لذلك وقعه على شخصيتي ومشاعري، فقد كانت الضحكة كبيرة وتخرج من القلب وكانت مشاعر الفرح والحزن لها عمقها أيضاً وتأثيرها لأن لها مصداقية وكان الفرح أكثر والحزن قليل جداً حينذاك ولقد كنت مستمتعاً بحياتي أكثر من الآن ،ولكن بعدما كبرت فقد تغير كل شيء لأن الحياة قد صارت أكثر إلتزاماً وجدية وظروف الحياة قد صارت أكثر شراسة لإنها تؤلمني مابين وقت وآخر لكي أتعلم، فقد مرت على ظروف وأعترف بأنني كنت أعاني كثيراً وأحياناً اتألم وأبكي لأنني أصبح حائراً وأشعر بضعفي لذلك ألجئ لله، وأدركت بأن الله لم يخلقنا في كبد عبث، وإنما لكي نتعلم ونكون على صلة به لنطلب منه العون والمدد،كما أعترف بأنني قد وقعت في أخطاء كثيرة نتيجة لتقديراتي الخاطئة لبعض الأمور وكنت أقوم بإصلاح أغلبها وأما البقية التي أعجز عنها فأشاور من هو أكثر خبرة مني أو يخاف علي ويهمه مصلحتي، لذلك لم أعد أتالم لأنني تعلمت ولو تألمت أعرف بأن ذلك خيراً لي لكي أتعلم ، فقد تغلبت على كثير من مصاعب الحياة بهذه الطريقة، لذلك صرت أواجه الحياة بإبتسامة كبيرة وأمل وتفاؤل فأصبحت ناضجاً وأحسب لكل كلمة ولكل خطوة أنويها ،حتى تعلمت من أمور كثيرة وعرفت بأن حياة الطفولة مختلفة إختلافاً جذرياً عن حياتي عندما أصبحت رجلاً، ففي المرحلة الأولى كان والداي هما من يحملان عني أعباء الحياة ويواجهان متاعبها ولايريداني بأن اشعر بقسوة الحياة، لأنهما كانا يحاولان أن يوفرا لي كل شيء أنا وأخوتي وكانا يحرصان على رسم السعادة على وجوهنا ومنحنا الأمل والتفاؤل، ويشعروننا بأن الحياة جميلة في ظل القرب من الله لكي لايؤلمنا خوف أو حزن أوهم، لذلك لازلت أعيش على ذكرى ذلك الزمن الجميل وممتن لله ثم لوالداي لأنهما لم يجعلاني أشعر بعناء الحياة، وأما حياتي الآن فأنا أقضيها مابين العمل والقيام على مسؤولية أسرتي وبرفقة الكتاب والقلم والأوراق والقهوة والأصدقاء،فهي أجمل هدايا القدر و تعتبر الأوكسجين في حياتي ونبض لقلبي وبلسم لجراحي.
سلمان محمد البحيري
شاهد أيضاً
حكاية باب!
لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة لتحديد ملامحي النهائية. كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …