أحتاج مابين وقت وآخر بأن أكون كطائراً حر يهاجر ويحلق عالياً في أي مكان ويعيش في المكان الذي يريده ،أحتاج بأن أرمم مابداخلي ،أرمم روحي من الثقوب التي قد نالت منها بسبب قسوة الأخرين ومن قسوتي على نفسي لأنني ألومها كثيراً، أريد بأن أذهب لمكان جديد به ناس لاأعرفهم ولايعرفونني، أريد بأن أسرق لنفسي سعادة لكي ابدأ من جديد بدون ماضي،لأن هذا الماضي قد أصبح عبئ ثقيل على كاهلي يتعبني ويرهقني جداً، لإنه عبارة عن أخطائي في مشوار الحياة وأخطائي في حق البعض وهمومي وأعباء الحياة ومسؤوليات ملقاة على عاتقي تضغط على قلبي وأعصابي وروحي مما يجعلني أحياناً أفقد أعصابي وأخطأ في حق آخرين لا ذنب لهم أو ألزم الصمت إذا جرحني البعض لأني لا أريد بأن أزيد الآلامي الآم ، لذلك آشعر بأني أواجه حشوداً عسكرية من الهموم والأعباء متكالبة علي فآنا الآب وأنا الآم أحياناً وأنا الطبيب وأنا الممرض وأنا الصديق وأنا الموظف المسؤول وأنا الزوج وأنا الرجل الحنون الذي يهزني ألم مريض أو دمعة يتيم أو حشرجة صوت أرملة أو مسكين وأنا الكاتب الذي يشعر بمعاناة الاخرين والرجل المحب الذي لايعرف الكراهية والطيب الذي لايعرف الخبث وسوء النية والرجل الذي ضحى بعلاقات كثيرة لأجل من يحب ،والرجل الذي أفسد علاقاته مع بعض من قد إستهانوا بردة فعله فقسى عليهم، والرجل الذي ضحى بالحفاظ على علاقاته مع آخرين لكي لاتنهار لأجل رضا أمه، لذلك أشعر بأن روحي مثقلة جداً بأغلال من حديد، أشعر بأني أريد بأن أحرر نفسي وأذهب في صحراء أو عند البحر وأصرخ بأعلى صوتي حتى أستطيع بأن أخرج الألام المكبوتة القابعة في أعماق الحنايا أو أن أدخل في محل زجاج وأكسر كل مافيه لكي أخرج هذه الطاقة الغاضبة من داخلي حتى أستطيع بان أخرج هذه الأمور وأنفس عن روحي بدون أن أضر نفسي أو أضر من حولي وأتسبب بجروح لأحد، لأنني أعرف نفسي أذا غضبت وسمحت لها بالغضب فلا أرى من أمامي،لذلك في الغالب أكظم غيظي حتى لا أتسبب بكوارث أنا في غنى عنها،لذلك أخذ هذا الكبت والألم يكبر ويضغط على أعصابي يوماً بعد يوم، ولذلك أنا أرتاح كثيراً عندما ألجئ إلى الله وأشكو إليه وأجده يسخر لي من يشعر بي ويطبطب على كتفي ويقول لاتخف أنا معك ويقف بجانبي، فتمنيت أن روحي وقلبي وعقلي لو أن لهما فورمات وإعادة تحديث لأبدأ من جديد وتمنيت في هذه الحياة بأن لوكنت بسيطاً لا لي ولا علي أحيا حياة بسيطة بدون هموم ولا مسؤوليات سعيداً غير آبه للماضي ولا أحمل هم الغد أعيش للحظتي بسعادة وكما قال عمرإبن الخطاب رضي الله عنه” وددت لو أخرج منها كفافاً لا علي ولا لي” .
سلمان محمد البحيري
Check Also
حكاية باب!
لا أذكر الماضي بشكل جيّد، وليس لي «شجرة عائلة» تحدد نسبي! لا أعرف ـ بالضبط ـ من أي شجرة أتيت.. وبالكاد أتذكر رائحة أصابع النجار وهو يعمل بمهارة لتحديد ملامحي النهائية. كنت أظنني كرسيّاً.. دولاباً.. طاولة… شباكاً.. لم يخطر ببالي أنني سأكون «باباً»! حظي الرائع هو الذي أوصلني لكي أكون «الباب الرئيسي» لهذا المنزل الريفي الصغير في البداية كنت أنظر لسكانه بريبة وكانت خطوات الصغيرة «سارة» تـُشعرني بالرعب لأنني أعلم أنها ستنزع مقبضي بعنف – عند فتحي – وستجعل أطرافي ترتعد عند إغلاقي..وحدها«سيدة» المنزل ستعاتب «سارة» لتصرفها غير المهذب معي فيما يكتفي«السيّد» بالضحكات العالية لشغب طفلتهما المدللة. …