إن الشعور بالوفرة هو بأن تعيش بالإيجابية وتطبقها في جميع تفكيرك وأقوالك وأفعالك،وأن تؤمن بداخلك بأن تعيش الحياة بطاقة إيجابية من إيمان وحب وتفاؤل وأمل وتسامح وصبر،حينها تتغير نظرتك للحياة تغيراً إيجابياً في كل شيء، وتشعر بالثقة في النفس وينعكس هذا أيضاً على تفكيرك، بحيث يصبح إيجابياً وتصبح معطاءً بدون أن تنتظر المقابل، فتجد نفسك تعطي الآخرين من خلال عملك أو علمك أو تجاربك في الحياة،وتقضي حوائج من كان محتاجاً إليك سواء كان قريباً أوبعيداً،وأعظم العطاء بأن تعطي من يسيء إليك برغم أنه يراك أقل شأناً منه،ولكن أن تساعده من غير أن يعرف هو أو يعرف أحد بأنه أنت المعطي،أو تتصدق عنه إذا كان مريضاً لكي يشفى و تدعو له،ولله المثل الأعلى فالله سبحانه برغم جحودنا ومعاصينا وقلة شكرنا فهو يرزقنا ويعطينا ويحلم علينا، فلنتخلق بصفات الله سبحانه لأنه يحبنا بأن نتأسى بصفاته، ولنا كذلك في الرسول عليه الصلاة والسلام أسوة حسنة حينما غنم في معركة حنين غنيمة كبيرة وكان صفوان بن أمية بن خلف قد هرب خوفاً من الرسول عليه السلام حينما دخل مكة وعلم بأنه مقتول فأمنه الرسول وأرسل إليه واحداً من الصحابة كان صديق له وأسلم وبلغه بأن الرسول أمنه وحينما جاء صفوان كان ينظر للرسول عليه السلام من بعيد وهو يوزع الغنائم بكرم على زعماء المسلمين والمؤلفة قلوبهم وصفوان قد حضر لأخذ إيجار السلاح الذي استعاره الرسول عليه الصلاة والسلام منه وبعدها نادى الرسول صلى الله عليه وسلم وأعطاه مائة من الأبل كما أعطى القادة من المسلمين من أهل مكة فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام “أبا وهب أيعجبك هذا الشعب .؟!” فقال صفوان نعم فقال الرسول صلى الله علية وسلم “هو لك ومافيه”وقال صفوان إبن أميه قائلا” ماطابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي ،أشهد أن لاإله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله” وأسلم صفوان رضي الله عنه وقال صفوان بن أمية “لقد أعطاني الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه لأبغض الناس إلي ، فمابرح يعطيني حتى صار أحب الناس إلي”، وأما إذا لم يكن لديك القدرة على العطاء بالمال ،فأنت تستطيع بأن تعطي بالكلمة الطيبة و الابتسامة الجميلة وحسن الخلق وتتجنب الغيبة والنميمة والبهتان والاستهزاء ،وليس من قوة الشخصية بأن تتلفظ على الآخرين بألفاظ سيئة لأن هذه وقاحة وقلة احترام وفقر في روحك وحتى لوكنت ثرياً بالمال ، فابتعد عن الإساءة للآخرين وحتى لو أساء لك البعض، فلا تتعامل معهم بالمثل ولكن أشعر الآخرين بأن لديك وفرة وأنك باذخ القيمة وعليك بأن تتجاهل المسيء في المجلس أو المكان الذي تجلس أنت فيه وكأنه ليس موجوداً وعدم الرد عليه ،وإذا فعلت ذلك فقد تغلبت عليه بالعقل والحلم والصبر ،و رفعت نفسك عن النزول إلى مستوى الحمقى والجاهلين ، فالصبر مع هذه الفئة من الناس سيجعلك تعيش في إيجابية وستكون راقياً في أقوالك وأفعالك ومحموداً عند الله ثم الناس، والصبر عموماً عاقبته محمودة في الحياة وقد كان له عواقب إيجابية في حياة الأنبياء والعظماء والصالحين وبذلك نالوا المنازل العليا من المجد قال تعالى “إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب”.
سلمان محمد البحيري